الخميس, سبتمبر 25, 2025
20.1 C
Amman

الأردنية.. بيت الأردنيين الأول وذاكرة وطنية لا تنضب

وكالة الجامعة الإخبارية – محمود الرواشدة

قبل ثلاثةٍ وستين عامًا، وتحديدًا عام 1962، وضع جلالة الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه اللبنة الأولى للجامعة الأردنية، لتكون صرحًا وطنيًا علميًا رائدًا، يجسّد طموح الأردنيين في بناء مؤسسة أكاديمية تحمل رسالة العلم والمعرفة، وتنهض بالوطن والإنسان ومنذ ذلك الحين، مضت الجامعة في مسيرة عطاءٍ متواصلة، تعاقب عليها قادة وإدارات أكاديمية وإدارية أسهمت جميعها في رسم معالم هذا الصرح، حتى غدت الجامعة الأردنية اليوم أيقونة التعليم العالي في الأردن والمنطقة.

وتواصل الجامعة الأردنية مسيرتها بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وبدعمٍ من سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، اللذين يوليان العلم والتعليم عناية خاصة، إدراكًا منهما بأن النهضة الحقيقية تُبنى على المعرفة والإبداع والبحث العلمي.

على مدى العقود الماضية، خرّجت الجامعة الأردنية أكثر من 270 ألف خريج وخريجة في مختلف التخصصات، شكّلوا رافدًا للوطن والأمة، وأسهموا في بناء مؤسسات الدولة ومجتمعاتهم في الداخل والخارج. واليوم تحتضن الجامعة نحو 55 ألف طالب وطالبة، يمثلون الأردن وأكثر من دولة عربية وعالمية، في مشهد يعكس حضورها الدولي وثقتها الأكاديمية.

ومؤخرًا، حققت الجامعة إنجازًا نوعيًا بدخولها التصنيف العالمي QS في المرتبة 324 عالميًا، كأول جامعة أردنية تصل إلى هذا المستوى، لتؤكد أنها تسير بخطوات واثقة نحو العالمية كما توجت جهودها بحصولها على جائزة الملك عبدالله الثاني لأفضل جامعة أردنية في نسختها الأولى، وهو وسام يكرّس مكانتها.

لم تكتفِ الجامعة الأردنية بالمحافظة على مكانتها، بل عملت على تطوير بنيتها التحتية لتواكب متطلبات العصر، فأطلقت منصات التعلم الإلكتروني الحديثة، وحدثت أنظمتها الأكاديمية، ورقمنت معاملاتها الإدارية والخدمية، بما يسهل على الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية والإدارية إنجاز أعمالهم بكفاءة وسرعة.

كما شهدت الخطط الدراسية تطورًا مستمرًا، لتلبي احتياجات سوق العمل وتواكب المستجدات العالمية، فيما لعبت عمادات الكليات والمراكز والوحدات دورًا فاعلًا في تعزيز العملية التعليمية، وصناعة بيئة جامعية قادرة على احتضان الإبداع والتميز.

لم تكن الجامعة الأردنية يومًا مجرد قاعات دراسية أو مختبرات علمية، بل كانت وما تزال منبرًا للعمل الطلابي والحراك الشبابي المسؤول. فقد شكّل اتحاد طلبة الجامعة الأردنية على مدار عقود رافعةً أساسية لصوت الطلبة، وحاضنةً لطاقاتهم وإبداعاتهم، وساحةً للتجربة الديمقراطية التي تعكس روح الانتماء والمشاركة.

وساهم الاتحاد، جنبًا إلى جنب مع الأندية الطلابية، في بناء شخصية الطالب الجامعي، وصقل مهاراته القيادية، وتعزيز روح العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية. وبذلك ظلّت الجامعة فضاءً يوازن بين العلم والمعرفة من جهة، والتجربة الوطنية والإنسانية من جهة أخرى، بما يرسخ قيم المواطنة الفاعلة لدى الأجيال المتعاقبة.

ويُسجّل للجامعة اليوم أنها تعيش مرحلة جديدة يقودها معالي رئيس الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، الذي يمضي بخطى ثابتة نحو العالمية، مستندًا إلى رؤية واضحة تقوم على التحديث الشامل والتطوير المستمر. فقد أطلق الدكتور عبيدات ثورة تطويرية شملت جميع المجالات: من تعزيز البحث العلمي وتشكيل مجموعات بحثية متخصصة، إلى تحديث البرامج الأكاديمية وتوسيع الشراكات الدولية، ما يعكس حرصه على أن تبقى الجامعة الأردنية في مقدمة المؤسسات التعليمية في المنطقة.

يشكل البحث العلمي في الجامعة الأردنية ركيزة أساسية لمسيرتها، حيث نمت المجموعات البحثية، وتطورت مشاريع علمية نوعية تخدم المجتمع، وتسهم في تقديم حلول للتحديات الوطنية والإقليمية والعالمية. كما استطاعت الجامعة أن تكرّس حضورها في المؤتمرات والمجلات العلمية المرموقة، مما يعزز سمعتها الأكاديمية والبحثية.

ستبقى الجامعة الأردنية أكثر من مجرد مؤسسة تعليمية؛ فهي بيت الأردنيين الأول، وذاكرة وطنية حافلة بالقصص والنجاحات والإنجازات. إنها جامعة جمعت بين العلم والانتماء، وبين الطموح والعمل، وبين العراقة والتجديد.

وفي ذكرى تأسيسها الثالثة والستين، نجدد الاعتزاز بما قدمته هذه الجامعة للوطن والإنسان، ونثق بأنها ستواصل مسيرتها بعزيمة لا تلين، ورؤية لا تعرف المستحيل، نحو مستقبل أكثر إشراقًا.