
وكالة الجامعة الإخبارية
فرح دحنوس – مرحلة الثانوية العامة في الأردن دومًا ما تعتبر شائكة ومحفوفة بالصعاب لكنها تمهد لقصة نجاح لربما تكون مميزة عن البقية، تحمل في طياتها روح الإصرار والتحدي. تلك القصص التي تلهمنا، وتجعلنا نؤمن بأن الإرادة الصلبة والعزيمة القوية يمكن أن تحقق المعجزات. ومن بين تلك القصص الملهمة، نجد قصة الدكتورة دانا قاقيش من قسم التسويق في الجامعة الأردنية، التي تحمل في طياتها مغامرة الشباب والإصرار على تحقيق الأحلام رغم كل الصعوبات.
قدمت قاقيش التوجيهي في الفترة التي شهدت تسريب أسئلة الامتحانات عام 2004، فقد كانت قاقيش واحدة من الطلبة الذين تأثروا بهذه الظروف الصعبة، خاصة بعد ما جاء قرار الوزير بإعادة 3 امتحانات دفعة واحدة وتأجيل فترة تقديم الإمتحانات لمدة شهر كامل وهي الكيمياء والعربية والإنجليزية. فتعرضت قاقيش لصدمة كبيرة لهذا القرار المفاجئ حالها كحال بقية الطلبة آنذاك، ولكنها سرعان ما اكتشفت أن عليها التعامل مع الوضع بشكل عقلاني. فاستغلت هذه الفترة للتحضير بشكل أفضل، إلا أن تقديمها للامتحانات الثلاثة الأولى لم يكن بالشكل الذي تأملته.
وبعد طول انتظار، أعلنت نتائج الثانوية العامة، وحصلت قاقيش على نتيجة لم تكن متوقعة، مما أثار فيها شعوراً بالصدمة الكبيرة. كانت هذه المفاجأة تحديًا صعبًا للغاية للتعامل معه. رغم شعورها بخيبة الأمل، قررت قاقيش التطلع إلى الأمام والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية.
قدّمت قاقيش في القبول الموحد على مجموعة من التخصصات منها الهندسية وما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات في جامعات مختلفة إلا أن الأقدار شاءت بأن تدرس قاقيش تخصص التسويق في الجامعة الأردنية حيث بدأت حكاية التميز.
في مرحلة الدراسة، كانت قاقيش تعشق الكتب وتؤمن بأن المعرفة هي مفتاح النجاح. كانت تفتش عن الكتب، حتى تلك التي لم يكن الطلبة يهتمون بها في ذلك الوقت. وكانت تستثمر في نفسها من خلال القراءة والدراسة بشغف وحب. كانت قاقيش تقضي الكثير من وقتها في عمادة شؤون الطلبة ومن أروقة المرسم الجامعي وفنون الخط العربي تستذكر الفاضلة باسمة يونس والفاضلة زيزت خضرا والأستاذ خالد عطية. كما لا تنسى الجميل لأستاذها الدكتور نبيل المجالي، كما ساهمت في تحرير أول عدد من جريدة “صوت الطلبة” في تلك الفترة.وفي سنواتها الأخيرة في الجامعة، بدأت تتبلور رؤيتها لمستقبلها، وكانت تدرك أن هناك المزيد من التحديات والنجاحات. من النقاط المهمة في مسيرة قاقيش الجامعية تقديمها المستمر لمشاريع وتقارير لم تكن حينها إجبارية من قِبل المدرسين، الأمر الذي ساهم في تطوير شخصيتها وزيادة مهاراتها التحليلية والبحثية. كما أن هذا النهج المبادر ساعدها على تعزيز قدرتها على العمل تحت الضغط وتحسين مهاراتها التواصلية، مما جعلها شخصًا أكثر استعدادًا للتحديات المهنية المستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، كان لهذه التجارب دور بارز في تنمية شغفها بالتعليم والتدريس، حيث اكتشفت قاقيش مدى حبها لنقل المعرفة ومساعدة الآخرين على التعلم والتطور، مما دفعها للسعي نحو تحقيق مهنة ملهمة في مجال التعليم.نتيجة حبها للمعرفة والتعلم، نجحت قاقيش في التخرج بتفوق، متصدرة دفعتها، ونظرًا لتميزها، تلقت عروض عمل قيمة في قطاع البنوك، وهو ما يعتبر شائعًا لجذب الطلبة المتفوقين من الجامعات الأردنية. كما حصلت على منحة الأوائل من نظام الابتعاث لاستكمال دراساتها العليا في الماجستير والدكتوراه. وعلى الرغم من الخيارات المتاحة، فضلت قاقيش قطاع التعليم وتوجهت لإكمال الماجستير في إدارة الأعمال/التسويق من الجامعة الأردنية، حيث عملت حينها كمساعدة للبحث والتدريس، ثم استكملت دراستها العليا بالحصول على الدكتوراه من جامعة يورك في بريطانيا في عام 2016.
وفيما يتعلق بالجامعة الأردنية، تطرقت قاقيش في حديثها إلى التطورات الإيجابية التي تشهدها الجامعة بما يتعلق بالبنية التحتية، حيث أشارت إلى تحديث القاعات الدراسية والتطورات في مجال التعلم المدمج والتعلم الإلكتروني. وأكدت على أهمية هذه التحديثات في مواكبة التطورات الحديثة في مجال التعليم وتلبية احتياجات الطلبة وتطلعاتهم. كما أشادت بالجهود المبذولة في تطوير البيئة الأكاديمية وتحسين جودة التعليم والبحث العلمي في الجامعة. وعلى الرغم من تلك التطورات، فإنها أشارت أيضًا إلى بعض التحديات التي تواجه الجامعة، سواء كانت مالية أو إدارية، ودعت إلى تجاوزها بالتعاون والتكاتف بين جميع الأطراف المعنية. وشددت على أهمية تحديث المناهج الدراسية وتطوير أساليب التدريس لتلبية احتياجات الطلبة وتطلعاتهم وبالمثل مواكبة احتياجات سوق العمل.
تُشدد قاقيش على الأهمية الملحة لتوفير الدعم الفعال للأشخاص ذوي الإعاقات، سواء الجسدية أو النفسية، لمساعدتهم على التغلب على التحديات اليومية والأكاديمية التي يواجهونها. وتُبرز الحاجة نتيجة مرور العديد من الطلاب بمشاكل نفسية، خاصةً في ظل النقص في الإلمام بأساليب حديثة للتعامل مع هذه الصعوبات التي تتطور بإستمرار. من المهم أيضاً توفير التدريب المستمر للمعلمين، لضمان تقديم دعم متكامل يسهم في تحقيق التميز الأكاديمي والشخصي لهؤلاء الطلبة.
مسيرة قاقيش تبرز حقيقة أساسية، وهي أن النجاح لا يأتي بالضرورة من اتباع الدروب المألوفة والمعتادة. بل يأتي من الجرأة على تحدي الظروف. فهنيئًا لقاقيش على شجاعتها وإصرارها، وعلى تحولها إلى رمز للنجاح والإلهام للآخرين في البحث عن طريقهم نحو النجاح في حياتهم.